التدريب في المحاكم …..أكمال المنهج النظري
ا.د.عباس علي محمد الحسيني
بغية أعداد طالب القانون بالكيفية التي تؤهله للتعامل مع النصوص القانونية نظريا وعمليا جاءت تعليمات التدريب الصيفي لطلبة الجامعات رقم 131 لسنة 2000 والتي نصت في المادة الرابعة منها على تدريب الطلبة في السنة الثالثة لمدة(30) يوم خلال العطلة الصيفية بعد أن بينت المادة الأولى منها المقصود بالتدريب الصيفي بأنه هو التطبيق العملي في ميادين العمل الفعلية يمارسه الطالب كي يعايش جانبا من الحياة العملية لاختصاصه العلمي.
ولاشك في إن وضع نصوص هذه التعليمات موضع التطبيق يتطلب آليات محددة تسهم في أنجاح عملية التدريب وتحقيق مبتغاه ,وإذا كانت هذه الآليات في جملتها هي آليات إجرائية تتمثل بتشكيل وحدة للتدريب في الكلية وتوزيع الطلبة على المحاكم وقيامهم بإعداد سجلات خاصة للتدريب يكون تقيمهم على أساس مدى التزامهم بها وبحضورهم اليومي للمحاكم المنسبين إليها وتوجيهات المشرفين العلميين من الكلية من التدريسيين والعمليين من منتسبي المحكمة إلا أن المهم في موضوع التدريب الصيفي هو الجانب الموضوعي فيه من حيث وقوف الطلبة على إجراء المقايسة والمقارنة بين الدروس النظرية التي يتدرجوا على دراستها خلال سني دراستهم الثلاث في كلية القانون وبين الواقع العملي وما يثيره من مشاكل عملية واقع قد لا تستوعبها النصوص القانونية الراهنة,أو تحتاج إلى تطبيقها مزيد من الجهد الفكري والذهني لتطويع النصوص القائمة أو تفسيرها على النحو الذي يجعلها تستجيب لمشاكل الواقع بما يملكه القضاء من سلطة في ذلك أن كان سن قواعد قانونية جديدة صعب المنال .
ولا يقف أهمية التدريب الصيفي العملي في المحاكم عند هذه المقارنة المذكورة ,بل يتعدى ذلك إلى دعم الجانب النظري المحض بالواقع العملي,إذ لا يمكن الاستغناء عن احدهما وكما لا يمكن الاكتفاء بأحدهما دون الأخر.
وفي ضوء هذه المعطيات يأتي دور تدريب الطلبة بالمحاكم في صقل شخصية الطالب وإكمال نضجه القانوني وتزويده بمهارات غير متناهية لا تقف عند حد سنوات الدراسة في الكلية, وإنما يتعدى ذلك إلى ما بعد التخرج منها والدخول في سوح العمل وميادين القضاء أو الإدارة المختلفة. ولهذا يجب على الطلبة أن يستثمروا هذه الفرصة وإعطائها حقها واكتساب المعرفة العملية وعدم اعتبار التدريب في المحاكم مجرد قضاء وقت أو لغرض التنزه أو لتنفيذ مطلب دراسي فحسب.
فكما يكون هناك طلبة متفوقون في الدراسة النظرية,فلابد ان يكون للتفوق محل في التدريب كذلك. وحتى يكتمل للتدريب وظيفته ويأخذ دوره الحقيقي فأننا نأمل ان يكون التدريب في المحاكم في السنة المنتهية للدراسة وليس قبلها , والسبب في ذلك ان هناك بعض الدروس الإجرائية التي تدرس في الصف الرابع كقانون المرافعات والأصول الجزائية يعتمد عليها سير الإجراءات القضائية في المحاكم والتي قد تكون غريبة على الطالب قبل دراسته لها,وهو مايحتاج إلى تدخل تشريعي لتحديد المدة المحددة للتدريب في المحاكم في السنة المنتهية في الكلية .وأملنا أن يجعل الطلبة هذه الاعتبارات السابقة الذكر في أذهانهم وهم يكملون دراستهم القانونية